في محاضرة عن عام المجتمع لهيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي: التنمية المجتمعية في الإمارات مسيرة مستدامة تنبض بالعطاء وتُبنى بالتحفيز
قدّم معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة محاضرة نوعية بعنوان "عام المجتمع والاستدامة" نظمتها هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية وذلك في إطار الاحتفاء بـ"عام المجتمع 2025" الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله" تحت شعار "يداً بيد" ،، الذي تناول خلالها محطات بارزة من تاريخ التنمية المجتمعية في دولة الإمارات، وعلاقتها الوثيقة بمفاهيم الاستدامة والتحفيز الوطني.
حضر المحاضرة التي أقيمت من أمس عدد من القيادات التنفيذية في الهيئة، تتقدمهم سعادة موزة سهيل المهيري، نائب مدير عام الهيئة للشؤون التنظيمية والإدارية، وعدد من المدراء التنفيذيين، إلى جانب عدد من أعضاء المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ضمت سعادة جاسم الهناوي النقبي، وسعادة الدكتورة رقية الزعابي، وسعادة الدكتور عبيد خصاو النقبي، وسعادة الدكتورة هند صالح الهاجري، وسعادة حميد عبيد الحمودي، بالإضافة إلى عدد كبير من موظفي الهيئة.
وفي محاضرته، استعرض معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي ثلاث مراحل متكاملة في مسيرة التنمية والاستدامة بدولة الإمارات، مُشيراً إلى أن هذه المراحل شكّلت العمق الاستراتيجي لتكوين المجتمع الإماراتي، وبنت معالم نهضته، ورسخت حضوره في مؤشرات التنمية المستدامة.
وأوضح أن المرحلة الأولى تمثلت في مرحلة التأسيس والبناء الممتدة من سبعينيات القرن الماضي حتى مطلع الألفية، حيث كانت الدولة آنذاك تنطلق من رؤية تأسيسية شاملة لبناء مجتمع متماسك وقائم على قيم العلم والصحة والتنمية. ففي عام 1975، بلغ عدد المستشفيات الحكومية 30 مستشفى فقط، واليوم يتجاوز العدد 70 مستشفى حكومي وأكثر من 5000 منشأة صحية بين مستشفيات ومراكز طبية وعيادات خاصة، كما انتقل عدد المدارس من 47 مدرسة ، ليبلغ اليوم ما يزيد عن 5000 مدرسة حكومية وخاصة، بالإضافة إلى أكثر من 1200 روضة أطفال، ما يعكس حجم الاستثمار في رأس المال البشري.
وانتقلت دولة الإمارات في المرحلة الثانية، التي امتدت من عام 2000 إلى 2020، إلى مرحلة التمكين والتطور،شملت مشاريع كبرى مثل مترو دبي في عام 2009م ، وبرج خليفه 2010م وصولاً إلى مرحلة الاستدامة الحالية، المتمثلة في مشاريع رائدة مثل مسبار الأمل وبرامج خفض البصمة الكربونية ، فضلا عن إنشاء اكسبو 2020م ، وشهدت فيها المؤسسات المجتمعية توسعاً نوعياً في خدماتها، وأطلقت المبادرات المجتمعية المتقدمة التي ركزت على تمكين الفرد والأسرة، وتوسيع أفق المشاركة في التنمية.
وأشار معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي إلى أن إطلاق مشروع الجينوم الإماراتي عام 2009، والاستعداد المبكر لتحديات المستقبل، مثل التعليم الذكي والاستشفاء عن بُعد، مثّل ملامح فارقة لهذه المرحلة، التي توجت بوصول الإمارات إلى قائمة أكبر النظم العالمية في الكفاءة الصحية والتعليمية والاجتماعية عام 2020.
أما المرحلة الثالثة، التي وصفها بمرحلة "الاستدامة المتكاملة" والممتدة من عام 2020 وحتى 2050، فقد انطلقت برؤية استشرافية تعتمد على الابتكار والتكامل بين مكونات المجتمع ومؤسساته، وتستهدف تعميق مفاهيم الاستدامة الشاملة في كل قطاع. وأوضح أن هذه المرحلة تقوم على تعزيز منظومة الطاقة النظيفة، وتحقيق الأمن الغذائي والمائي والتوازن بين الإنتاج والاستهلاك، وإطلاق استراتيجية الإمارات في الحياد المناخي، وتطوير التشريعات التي تعزز من استدامة القيم المجتمعية، إلى جانب رفع كفاءة المؤسسات وخلق شراكات مجتمعية تضع الإنسان محوراً للتنمية.
وفي هذا الإطار، ثمّن معاليه الجهود الرائدة التي تبذلها إمارة أبوظبي في دعم مسيرة الاستدامة، وعلى رأسها محطة براكة للطاقة النووية السلمية، التي تُعد من أبرز المشروعات الوطنية لتحقيق أمن الطاقة وتنويع مصادرها، بما يواكب تطلعات الدولة نحو مستقبل مستدام قائم على مزيج متوازن من الموارد النظيفة.
وأكد النعيمي أن ثقافة التحفيز المجتمعي تمثل ركيزة أساسية في هذه المسيرة، موضحاً أن التحفيز الذي يقدمه القادة والمجتمع يسهم في استنهاض الهمم، وبناء بيئة إيجابية تعزز من دور الأفراد والمؤسسات في بناء الوطن.
وقال: "نحن اليوم لا نبني مشروعات فقط، بل نبني فكراً ونهجاً وثقافة تقوم على أن كل فرد قادر على الإسهام في مسيرة العطاء، وعام المجتمع فرصة للدفاع الذاتي نحو التنمية ".
وقد أضفى معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي على المحاضرة بعداً أدبياً راقياً، حيث قدّم عدداً من قصائده الوطنية التي عكست مشاعر الانتماء والولاء للوطن، وجسدت برؤى شعرية معاني الاستدامة والعطاء، لتُضفي على اللقاء طابعاً ثقافياً نابضاً بحب الإمارات واعتزازاً بمسيرتها التنموية.
وعلى هامش المحاضرة، أقامت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، بالتعاون مع الأرشيف والمكتبة الوطنية، معرضاً وثائقياً يُبرز الجهود العظيمة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في ترسيخ الروابط المجتمعية، وبناء مستقبل يقوم على التلاحم الوطني والاستدامة البشرية، حيث عرضت الصور النادرة محطات مضيئة من حياته ومسيرته في العطاء والبناء.
وفي ختام المحاضرة، أعربت الهيئة عن شكرها وتقديرها لمعالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي على محاضرته الملهمة، التي جمعت بين البُعد التاريخي والرؤية المستقبلية، مجسدة روح "عام المجتمع 2025" الذي يسير بخطى واثقة نحو بناء مستقبل أكثر ترابطاً واستدامة.