الشارقة ينتظم عقد تميزها باستضافة برلمان الطفل العربي
منذ أكثر من ثلاثين عاماً، تقف إمارة الشارقة صفاً واحداً في مسيرتها التنموية والإنسانية، إلى جانب الطفل، مهمومةً برعايته، وتنميته، والعناية به، وتوفير السبل الكفيلة بمتابعته منذ ولادته، ضماناً لمستقبل أفضل، وتطبيقاً لفلسفة الإمارة في أن التنمية تبدأ بالإنسان.
أعوام 1985، 1997، 2005، 2010، 2015، تواريخ مميزة في مسيرة الشارقة في الاهتمام بالطفل الإماراتي بشكل خاص، والعربي عموماً، في محطات مميزة، تسجل للشارقة اهتمامها على أعلى المستويات، ليكون القرار التاريخي والمبادرة الكريمة لصاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، بإعلان استضافة الإمارة لمقر برلمان الطفل العربي، وتكوين لجنة من المختصين والخبرات، برئاسة خولة الملا، رئيسة المجلس الاستشاري، لتقوم على أمر المقر الجديد، ويتحول الحلم إلى حقيقة.
المبادرة الكريمة، التي حصدت إعجاب كثير من المهتمين بالطفل العربي، جاءت تتويجاً لعمل دؤوب، وجهود كبيرة قامت بها الشارقة على مرّ السنوات، بعد أن وضعت نُصب عينيها، الاهتمام بتنمية إنسان سليم معافى، يعرف وطنه، ويهتم بشؤون مجتمعه من كل النواحي، ولأجل مستقبل زاهر وضامن وحيد لمجتمع يعيش في تعليم ومعرفة.
على قمة هرم الشعور بالمسؤولية الكبيرة تجاه الأطفال، لا ننسى، الاهتمام غير المحدود لصاحب السمو حاكم الشارقة، والد الجميع، الذي يهتم بأبنائه ويعرف احتياجاتهم، ويقدم المبادرات الكريمة الواحدة تلو الأخرى، ويشرف بنفسه على مبادرات الأطفال، من تعليم ومعرفة، وصحة، وترفيه، ولا ينسى سموه، الحديث بصورة مستمرة، وفي كل فرصة، إلى الآباء والأمهات يحثهم على إعطاء الطفل حقه، وتربيته، وضرورة اهتمام الأمهات بالرضاعة الطبيعية، في أبلغ رد على حرص القيادة الرشيدة على التعامل بحكمة نادرة، وروح أبوية كبيرة، وقبلها، تعليم الناس الاستفادة من التعليم والمعرفة والتطور، جنباً إلى جنب مع الاحتفاظ بالقيم الأصيلة التي تضمن لنا طفلاً سليماً يقود إلى مجتمع بقيم عربية وإسلامية حقة.
تلك التوجيهات السامية، والكلمات الودودة، من الأب إلى أبنائه، تظل هي الوجهة الرئيسية لمسار طويل سارت فيه الشارقة منذ زمن بعيد، أكثر من ثلاثة عقود، والطفل هو محور وديدن الاهتمام، والكلمات، والتطبيقات، والمبادرات، لتتوج الشارقة كأول مدينة صديقة للطفل في العالم، تضم عشرات المؤسسات التي تعمل في تناغم تام، ليكون الاهتمام بالطفل، بناء متكامل الأركان، كلٌ يؤدي دوره، بحب وتفان وإخلاص.
كان عام 1985 نقطة فارقة في انطلاق الشارقة في مهمتها الكبيرة، فكان إطلاق الدورة الأولى من مهرجان الطفل الذي ضم عدداً من العروض التي قدمت للطفل الكثير من المعرفة والترفيه، وأطلقت قدراته، واكتشفت كثيراً من المواهب، وجعلت منه موعداً دائماً مع رغبة مجتمعية كاملة في تقديم المزيد إلى أفلاذ الأكباد من الأطفال، وليكون انطلاقة تزايدت معها الخبرات، وتراكمت، وتوالت منها الأفكار والمبادرات، الواحدة تلو الأخرى، كل مبادرة تصطحب معها الخبرات السابقة، مع مراعاة التطور التكنولوجي، والاحتياجات المتجددة للطفل، إلى جانب أحدث البحوث العلمية في علم نفس الطفل، وعلم الاجتماع، وغيرهما من العلوم، لتجيء المبادرات سابقة في أفكارها، ومتطورة في محتواها، وكبيرة في معناها.
رعاية متكاملة
تواصل إنشاء وإعلان المؤسسات الخاصة بشؤون الأسرة بشكل عام، لتكون الرعاية الكريمة شاملة كل محيط الطفل، ومن قبله، الاهتمام بشؤون الوالدين، ليكون المجلس الأعلى لشؤون الأسرة برئاسة سمو الشيخة جواهر، الوالدة والأم والمعلمة، انطلاقة شاملة، تستوعب المبادرات السابقة والمقبلة، وتستحضر المستقبل الذي يُبشر به المجتمع، ليكون وعاءً شاملاً، علمياً ومهنياً ومتخصصاً في الإشراف على الأسرة بكامل أفرادها.
تعددت الجهود الكبيرة لسمو الشيخة جواهر، في الإشراف على المبادرات العملية للأسرة والطفل، فكانت عشرات الانطلاقات لمبادرات محلية، وعالمية، والاهتمام بالطفل في أي مكان في العالم، مصحوبةً بالعطاء في كل مجالاته، وتبادل الخبرات، ليكون المجلس الأعلى لشؤون الأسرة من الجهات الرئيسية في دعم تنمية الطفل ورعايته، جنباً إلى جنب مع أفراد الأسرة. تعددت الوجهات، والهدف واحد؛ الطفل، ليكون التكريم على أعلى المستويات من المنظمات العالمية العاملة في مجالات الطفل، التي وجدت من كبار النفوس من يهتم به اهتماماً يفوق الوصف، ويعمل على رعايته وكأن كل طفل هو طفله، يسهر على رعايته، يقدم له التعليم ويشجعه عليه، ويوفر له الرعاية الصحية، ويرسم له مستقبلاً باهراً. فكانت التكريمات تتوالى، شكراً لأصحاب «القلب الكبير» الذي تحول بتوجيهات من سموّ الشيخة جواهر، إلى مؤسسة، بعد أن كانت الفكرة الأولى حملة لمساعدة الأطفال من اللاجئين. وخلال عامين من إطلاق المؤسسة، تعددت وجهات الاهتمام بالطفل في دول عدّة شملت مناطق النزوح والحروب والكوارث من المناطق التي يعاني فيها الأطفال، ولا يجدون احتياجاتهم من الحليب والتعليم والرعاية الصحية.
حماية الأطفال
الإنجاز الأكبر عالمياً لمؤسسة «القلب الكبير» توج باستضافة الشارقة لمؤتمر الاستثمار في المستقبل، المؤتمر الدولي الأول المعني ببحث ومناقشة قضايا وشؤون الأطفال اللاجئين بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي عقد تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، يومي 15 و16 أكتوبر/تشرين الأول 2014. وكان فرصةً نحو مزيد من الاهتمام الذي توليه الشارقة ومسؤولوها لتوفير الحماية والأمان للأطفال في كل مكان، والسعي المتواصل لتوفير الحياة الكريمة للاجئين الأطفال. ونجح المؤتمر بعد بحث ومناقشة كيفية العمل معاً من أجل حماية الأطفال واليافعين اللاجئين، وتعزيز العمل المشترك وبذل الجهد الجماعي لتحسين حياة هؤلاء الأطفال، في إطلاق «مبادئ الشارقة» التي تعمل على تعزيز الاهتمام العالمي بالطفل وحمايته ورعايته، لتتبناها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتوزعها على الدول الأعضاء لتطبيقها، لتكون الشارقة نقطة تحول تاريخية في شكل العلاقة مع الطفل، عالمياً، ونقطة انطلاق لعلاقة ورعاية أفضل للأطفال.
بدأ الاهتمام بالطفل، ولم ينتهِ. فكانت المبادرات الواحدة تلو الأخرى، تهتم بكل الجوانب التي تهم الطفل، فكان إنشاء مكتبات الطفل في كل المدن، وجاء مجلس شورى الطفل عام 1997، ليكون أول مجلس للأطفال، يُعلمهم ويدربهم على تحمل المسؤولية، ويُحفزهم للعمل، ويعدهم للمستقبل المشرق.
عام 2005 كان انطلاقة جديدة لمجلس شورى الشباب، الذي عد خطوة متقدمة بُنيت على جيل جديد كامل تدرب في مجلس شورى الأطفال، وخطوة متقدمة تواصل فيها الاهتمام بهذا الجيل الذي لفت الإنظار إليه، بحبه للعلم والمعرفة ومناقشة هموم الطفل والوطن أولاً.
تتويج وترحيب
هذه المسيرة والمبادرات القيّمة والكريمة، توجتها الشارقة بتفعيل قرار «قمة سرت» في ليبيا عام 2010، وإعلان استضافة مقر برلمان الطفل العربي، في خطوة أعطت الشارقة رقماً غير مسبوق في مبادرات الأطفال، لتكون عاصمة الطفل العربي والعالمي.
مبادرة استضافة برلمان الطفل العربي، وجدت، ترحيباً عربياً واسعاً، وتذكيراً بدور الشارقة الرائد في دعم الطفل، والاهتمام به، وثقة الجميع بخبرات الشارقة وتجاربها محلياً وعربياً وعالمياً. وجاء ذلك خلال المؤتمر الثالث للبرلمانيين العرب عن قضايا الطفولة، في خطوة هي الأولى من نوعها عربياً، لتمثل امتداداً وتجسيداً حقيقياً للدعم المتواصل الذي توليه دولة الإمارات عموماً وإمارة الشارقة خصوصاً، لكل ما يتعلق بالطفولة وصونها وحمايتها والاستثمار في مستقبلها.