قوة الإمارات في التأثير الناعم
في خضم الحروب والخلافات الدولية وتشرد الشعوب والانفلات الأخلاقي والفجوات الاقتصادية والمعيشية والتهليمية والصحية بين الدول، وبين شعوب تحتضر جوعا وعطشا تتلحف السماء وتفترش الأرض الجرداء القاحلة وبين شعوب تسرف في النعم وتنفق المليارات على البذخ والتجميل والتخسيس ، وبين دول لا تعرف هدفها ولا تعرف الى أين تسير ولا تترك غيرها أن يعيش بسلام حتى أضحت الشعوب تخاف بعضها بعضا ، ليس الا أصبحت لغة الكثير من الدول لغة الحرب بدلا من لغة السلام ولغة العنف بدلا من لغة الحب والوئام واصبجت الدين تجارة لمن أراد أن يجعله سلاحا للبطش والدمار .وفي وقفة نتفكر فيها ماذا يحدث في العالم ومن هو المستفيد فإن التجارب والنتائج تثبت عبر السنوات الماضية أن لا سبيل لنصرة الحضارة باستخدام وسائل الدمار والأسلحة الفتاكه والخاسر فيها الانسان بل الخاسر فيها كل الخلق فالحروب خلفت انتكاسة دمرت الأرض وما عليها وسنحتاج مئات السنين للعمار ولكن سيبقى هناك دائما الأمل وسيتجدد البناء ، وسيكون باذن الله البناء بانتهاج قوة ناعمة للتأثير فهي ناعمه لأن اسلوبها السلام والحوار وابراز لوجه الثقافه ، وطريقتها للتأثير والتغيير هي العلاقات الدولية القائمة على الاقناع البناء بالأدلة والمواثيق والتقدير والاحترام المتبادل للثقافات المختلفة دون ارغام أو قسر ، انه التأثير الناعم لأنه الأسلوب الحكيم والهادئ في النقاش والجدال ، هذا الأسلوب هو الوجه الذي خرجت به الامارات على الساحه الدولية وما صدرته من مشاريع تنموية سيجعلها دائما انموذجا للعالم للإقتداء ، فرسالتنا رسالة سلام ومحبة لشعوب العالم أن لغة الثقافة والأدب والعلم والشعر والتجاذب الحضاري المبني على التكامل بين الشعوب بين مقوماتها ، وتشابهها في بعض تقاليدها هي استراتيجية البقاء والسعادة ، ومهما كانت هناك تفاوت في القوى على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو العلمي فتبقى قوة الثقافة هي معيار تقدم الأمم وبقائها وموروثها الذي تفتخر به شعوبها ، وهي التي ستجعل دائما بني الانسان حقا أفضل ما خلق الله على الأرض ، ومن هنا تبدو الحاجه أن يسود التفاهم بين الشعوب فيما اختلفو فيه ويتعاونوا فيما اتفقوا عليه . ولعل انشاء مجلس القوة الناعمه لدولة الامارات يضم مختلف الجهات الحكومية والخاصة والأهلية بهدف صياغة منظومة وطنية متكاملة لنقل قصة نجاح اسطورة الإمارات للعالم لهو منهج جدير أن نلتف حوله ، هذا المنهج الذي جاء من ينابيع العلم والمعرفة والثقافة والمشاريع التي أسسها حكام الإمارات منذ قيامها ،أساسه مشروع زايد رحمة الله عليه في وحدة الإمارات وأكمل من بعده المسيرة الشيخ خليفة بن زايد حفظه الله وولي عهده سمو الشيخ محمد بن زايد يساندهم حكام الامارات في بناء قصة الامارات المتميزة، وهناك ايضا مشروع التميز والتطوير الإداري في دبي ، وهناك مشروع الثقافة الحضاري في الشارقة والاستدامه في الانسان ، وغيرها من المشاريع والانجازات المتنوعه التي اصبحت فيها الامارات رائدة التميز القيمي والعلمي والثقافي والاقتصادي والسياسي ، ولعل في توحيد مصادر قوتنا في منظومة واحدة هي قوة الدولة الناعمه التي تصدر الاخلاق والقيم والثقافة ، وتوازن بين اختلاف الثقافات بما يغني ثقافة وحضارة الانسان ، وسائلها العلم والابتكار والمشاركة العالمية وتنوع الحضور الثقافي والعلمي والفني والرياضي والخيري وأنشطة متنوعه وحضور غني في المؤتمرات والمعارض وعكس صورة مشرفة لإنجازات حكومة ومجتمع الامارات وتعكس مهارة دبلوماسية عالية تعكس تجربتنا الثرية في تجربتنا الوحدوية وتأثيرنا الناعم على الكثير من القرارات التي تعكس حضور قوي لقيادتنا الرشيدة ، ولعلنا في دولة الامارات نفخر بأننا نعيش في وطن تلاحم فيه الحاكم مع المحكوم وتلاقى فيه فكر الشعب مع القيادة ، قيادة رسخت كل امكانياتها من أجل رفاهية مواطنيها من أجل تعزيز مكانة الدولة وتصدير قيمها حتى أصبحنا الأوائل في تقدير واحترام الآخر ، واصبحت دول العالم تتسابق في تسهيل خدماتها لأبناء الامارات وذلك لما للدبلوماسية الاماراتية من قوة ناعمة ومنها اعفاء مواطني الامارات من تأشيرات الدخول في الكثير من بلدان العالم مما عزز اقبال المؤسسات الثقافية والعلمية الى وطننا من أجل التعاون والبناء في مجالات العلم والبحوث وتبادل الخبرات ، ولعل مشروع الشارقة الثقافي في بناء الجامعات وانشاء مراكز الأبحاث والاستثمار في الانسان لهو مشروع المستقبل الذي انتهجه سلطان في تأسيس منظومة علمية ، انها قوة ناعمه ايضا ، والكثير الكثير الذي جعلت لنا اساليب متعددة ممكن استخدامها وتسخيرها للتأثير على الآخر ، اساليب نجاح وتميز ،فكم هو جميل أن نستبدل مفهوم القوة الذي يعني الحرب والعتاد والخوف بمعنى آخر يفتح الآمال للبناء والازدهار الخيروالتعاون والتكامل بين الشعوب ، فما المانع أن نطبق معيار للنجح معا ولنعيش برفاهية معا دون أن يكون المقياس أن نجاحنا مترتب على خسارة الآخر . هي دعوة لنتنافس في نشر اساليب هذه القوة الناعمه وتأثيرها في الآخر بالفنون والقضايا الانسانية والأدب والعلم ، والتسابق نحو تصدير منظومة قيم قائمة على الخير ، ونستفيد من بعضنا البعض كشعوب ودول وأفراد من أجل رخاء الانسان. فشكرا قيادتنا الحكيمة على نهجكم النير في بناء قوة الامارات الناعمه التي اصبحت مضربا للأمثال ، ونحن قادرون باذن الله أن نؤثر بهذة القوة بنشر منهجنا الخير لنصدر قيمنا العريقة النابعة من ثقافتنا بين شعوب العالم .
بقلم خوله عبدالرحمن الملا
رئيسة المجلس الإستشاري بإمارة الشارقة